سورة الأنعام - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


قوله عز وجل: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِِمِينَ بَعْضاً} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: معناه وكذلك نَكِلُ بعضهم إلى بعض، فلا نعينهم، ومن سُلِبَ معونة الله كان هالكاً.
والثاني: وكذلك نجعل بعضهم لبعض ولياً على الكفر.
والثالث: وكذلك نولِّي بعضهم عذاب بعض في النار.
والرابع معناه أن بعضهم يتبع بعضاً في النار من الموالاة وهي المتابعة، قاله قتادة.
والخامس: تسليط بعضهم على بعض بالظلم والتعدي، قاله ابن زيد.


قوله عز وجل: {يَا مَعشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ} المعشر: الجماعة التامة من القوم التي تشتمل على أصناف الطوائف، ومنه قيل للعَشَرَة لأنها تمام العِقْد.
{أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلُ مِنْكُمْ يَقُصُّون عَلَيْكُمْ ءَايَاتِي} اختلفوا في الرسالة إلى الجن على ثلاثة أقاويل.
أحدها: ان الله بعث إلى الجن رسلاً منهم، كما بعث إلى الإنس رسلاً منهم، قاله الضحاك وهو ظاهر الكلام.
والثاني: أن الله لم يبعث إليهم رسلاً منهم، وإنما جاءتهم رسل الإنس، قاله ابن جريج، والفراء، والزجاج، ولا يكون الجمع في قوله: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنُكُمْ} مانعاً من أن يكون الرسل من أحد الفريقين، كقوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] وإنما هو خارج من أحدهما.
والثالث: أن رسل الجن هم الذين لمَّا سمعوا القرآن {وَلَّواْ إِلَى قَومِهِم مُّنذِرِينَ} [الأحقاف: 29]، قاله ابن عباس.
وفي دخولهم الجنة قولان:
أحدهما: قاله الضحاك.
والثاني: أن ثوابهم أن يجاروا من النار، ثم يُقَال لهم كونوا تراباً كالبهائم، حكاه سفيان عن ليث.
{وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} يحتمل وجهين:
أحدهما: ينذرونكم خذلان بعضكم لبعض وتبرؤ بعضكم من بعض في يوم القيامة.
والثاني: ينذرونكم ما تلقونه فيه من العذاب على الكفر، والعقاب على المعاصي.
{قالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا} يحتمل وجهين:
أحدهما: إقرارهم على أنفسهم بأن الرسل قد أنذروهم.
والثاني: شهادة بعضهم على بعض بإنذار الرسل لهم.
{وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} فيه وجهان:
أحدهما: وغرتهم زينة الحياة الدنيا.
والثاني: وغرتهم الرياسة في الدنيا.
ويحتمل ثالثاً: وغرتهم حياتهم في الدنيا حين أمهلوا.
{وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِم} وفي هذه الشهادة أيضاً الوجهان المحتملان إلا أن تلك شهادة بالإنذار وهذا بالكفر.


قوله تعالى: {ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} فيه وجهان:
أحدهما: وما كان ربك مهلك القرى بظلم منه ولكن بحق استوجبوا به الهلكة، وهو معنى قول مقاتل.
والثاني: وما كان ربك مهلك القرى بظلم أهلها حتى يقدم إنذارهم ويرفع أعذارهم ويخرجوا من حكم الغافلين فيما ينزل بهم، وهو معنى قول مجاهد.
قوله عز وجل: {وَلِكُلٍ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا} معناه ولكل عامل بطاعة الله أو معصيته درجات، يعني منازل، وإنما سُمِّيت درجات لتفاضلها كتفاضل الدَرَجِ في الارتفاع والانحطاط.
وفيها وجهان:
أحدهما: أن المقصود بها الأعمال المتفاضلة.
والثاني: أن المقصور بها الجزاء المتفاضل.
ويحتمل هذا التفضيل بالدرجات على أهل الجنة، وأهل النار، لأن أهل النار يَتفاضلون في العقاب بحسب تفاضلهم في السيئات، كما يتفاضل أهل الجنة في الثواب لتفاضلهم في الحسنات، لكن قد يعبر عن تفاضل أهل الجنة بالدَرَج، وعن تفاضل أهل النار بالدرك، فإذا جمع بينهما بالتفاضل عبر عن تفاضلهما بالدرج تغليباً لصفة أهل الجنة.

10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17